من هم قوم تبع ؟؟
قال سبحانه وتعالى في سورة الدخان: "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ"، وقال في سورة ق: "وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيد"، في هاتين الآيتين ذكر الله سبحانه وتعالى "قوم تبّع"، فمن هم هؤلاء القوم؟ وما هو أهم ما عرف عنهم؟ هذا ما سنجيب عنه في مقالنا هذا. قوم تبّع هم قوم سكنوا "اليمن" منذ قديم الزمن، وقد كانوا عرباً من قبيلة "قحطان"، وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم في سورة ق، وسورة سبأ، وسورة الدخان. و "تبّع" هو ملك هؤلاء القوم وقد كان ملكاً على بلاد اليمن بما فيها حمير، وسبأ، وحضرموت، وتذكر الكتب القديمة أنّ "تبّع" هذا الملك كان مؤمناً صالحاً، لما روي عن الرسول "صلّى الله عليه وسلّم": "لاتسبّوا تبّعاً فإنّه كان قد أسلم"، ويروى أيضاً أنّه قد تنبّأ بالرسول محمّد الصادق الأمين وقد دعى الأوس والخزرج إلى الإيمان به عندما يسمعون به. وقد استطاع هذا الملك أن يفتح مدناً كثيرة في العالم كالهند، وقد وصل إلى مكّة وكان يريد أن يهدم الكعبة إلّاأنّ مرضاً ألّم به أقعده وعجز الأطباء عن علاجه، إلى أن أخبره أحد حاشيته أنّ نيته في هدم الكعبة سبب مرضه ولما عزف عن ذلك عادت إليه صحته وكسا الكعبة ببردة يمانيّة وذلك في القرن الخامس الميلادي. وقد سميّ هذا الملك بهذا الإسم لـ "الظل أو ظل الشمس"، وذلك لأنّ هذا الملك أينما كان يسير بغزواته في أي مكان تطلع عليه الشمس، وسميّ كذلك في رواية أخرى لكونه تتبعه الملوك وملوك اليمن خاصة، ثمّ أصبح اسم "تبّع" لقب يسمّى لكل من يتوّلى الملك عليهم كالفرعون، والقيصر، والكسرى، والنجاشيّ، وغيرهم. وقد أهلك الله سبحانه وتعالى قوم "تبّع"، ولكن لم يذكر بالتفصيل طريقة هلاكهم في القرآن الكريم، يقول تعالى في كتابه العزيز في سورة سبأ: "قَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيل، ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ، إلى قوله تعالى: فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ". وقد فسّر بعض علماء القرآن أنّ هلاك هذا القوم كان في سيلٍ عرم، وذلك بعد أن حذرهم الله بعذاب قوم فرعون وأن يعتبروا منه لكن دون فائدة، ومما يجدر ذكره أنّ بعض التفسيرات ترى أنّ ملك تبّع وقائدهم لم يهلك مع قومه لأنّه قد حذرهم لكنهم لم ينصتوا إليه، وذلك لما روى عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها: ألا ترى أن الله ذم قومه ولم يذمه" وذلك لأنّه كان مؤمناً صالحاً.
تبع هو لقب ملوك مملكة حمير حسب ما ظنة المؤرخون العرب بينما بالنقوش اللقب الملكي الحميري هو "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت"، اما "بنو تبع" هم أقيال (أمراء) شعب حُملان بالنقوش.
تقع بلدة حُملان في مركز بنو احمد الاداري، في مديرية حفاش، جنوب محافظة المحويت.
ويعتقد بعض المفكرين أنّ تبع كان رجلاً مؤمناً، واعتبروا تعبير (قوم تبّع) الذي ورد في آيتين من القرآن دليلاً على ذلك، حيث أنّه لم يُذَمّ في هاتين الآيتين، بل ذُم قومه، والرّواية المروية عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شاهدة على ذلك، ففي هذه الرواية أنّه قال: (لاتسبّوا تبّعاً فإنّه كان قد أسلم).
وورد في رواية أُخرى: إنّ تبعاً لما قدم المدينة ـ من أحد أسفاره ـ ونزل بفنائها، بعث إلى أحبار اليهود الذين كانوا يسكنونها فقال: إنّي مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية، ويرجع الأمر إلى دين العرب.
فقال له شامول اليهودي ـ وهو يومئذ أعلمهم ـ. أيها الملك إنّ هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل، مولده بمكّة اسمه أحمد. ثمّ ذكروا له بعض شمائل نبيّ الإسلام() فقال تبّع ـ وكأنّه كان عالماً بالأمر ـ: ما إلى هذا البلد من سبيل، وما كان ليكون خرابها على يدي بل ورد في رواية في ذيل تلك القصة أنّه قال لمن كان معه من الأوس والخزرج: أقيموا بهذا البلد، فإنّ خرج النّبي الموعود فآزروه وانصروه، وأوصوا بذلك أولادكم، حتى أنّه كتب رسالة أودعهم إياها ذكر فيها إيمانه بالرّسول()، ويروي صاحب أعلام القرآن أنّ تبّعاً كان أحد ملوك اليمن الذين فتحوا العالم، فقد سار بجيشه إلى الهند واستولى على بلدان تلك المنطقة. وقاد جيشاً إلى مكّة، وكان يريد هدم الكعبة، فأصابه مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه,,
وكان من بين حاشيته جمع من العلماء، كان رئيسهم حكيماً يدعى شامول، فقال له: إنّ مرضك بسبب سوء نيتك في شأن الكعبة، وستشفى إذا صرفت ذهنك عن هذه الفكرة واستغفرت، فرجع تبع عما أراد ونذر أن يحترم الكعبة، فلما تحسن حاله كسا الكعبة ببرد يماني.
ذكر ابن كثير أن تبع اسمه أسعد أبو كريب وهو الذي مر على المدينة وحارب أهلها ثم سالمهم وترك عندهم لوحا فيه شعر، يذكر فيه أنه مؤمن بالنبي الذي سيبعث ويهاجر إلى المدينة، فتوارثوه إلى أن وصل إلى أبي أيوب الأنصاري، وهو الذي نزل عنده النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة مهاجراً، وتبع هو الذي كسا الكعبة المشرفة ودعا قومه إلى الإيمان بالله تعالى، ثم لما توفي عادوا بعده إلى عبادة الأصنام والنيران[1].
وقد وردت قصّة كسوة الكعبة في تواريخ أُخرى حتى بلغت حد التواتر. وكان تحرك الجيش هذا، ومسألة كسوة الكعبة في القرن الخامس الميلادي.
سبب التسمية
سبب التسمية قال في التحرير والتنوير: قيل سموه تبعا باسم الظل لأنه يتبع الشمس كما يتبع الظل الشمس، ومعنى ذلك: أنه يسير بغزواته إلى كل مكان تطلع عليه الشمس، كما قال تعالى في ذي القرنين: فأتبع سببا * حتى إذا بلغ مغرب الشمس.. إلى قوله: لم نجعل لهم من دونها سترا، وقيل لأنه تتبعه ملوك مخاليف اليمن، وتخضع له جميع الأقيال والأذواء من ملوك مخاليف اليمن وأذوائه، فلذلك لقب تبعا لأنه تتبعه الملوك[2].
تبع نبيا أم ملكا فقط
اختلف هل كان نبيا أو ملكا فقط؟ فقال ابن عباس: كان تبع نبيا، وقال كعب: كان تبع ملكا من الملوك، وكان قومه كهانا، وكان معهم قوم من أهل الكتاب، فأمر الفريقين أن يقرب كل فريق منهم قربانا ففعلوا، فتقبل قربان أهل الكتاب فأسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا. وقال الكلبي: تبع هو أبو كرب أسعد بن ملك يكرب، وإنما سمي تبعا لأنه تبع من قبله، وقال سعيد بن جبير: هو الذي كسا البيت الحبرات، وقال كعب: ذم الله قومه ولم يذمه.اهـ.[3]
الرسول إلى قوم تبع
ذكر القرآن أن الله ارسل رسول إلى قوم تبع فكذبوه
سورة ق: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)
سورة الدخان: (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)
المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد قال: (لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم)، وفي رواية (كان مؤمنا)، فسر بعض العلماء الحديث بأن تبع كان على الديانة اليهودية المنتشرة باليمن قبل الإسلام.
النقوش
ذكرت النقوش ان اسرة "بنو بتع" هم أقيال (أمراء) شعب حُملان والتي تنتمي لاتحاد (سمعي) بقيادة (همدان) أحد البيوت القبلية الحاكمة في المرتفعات الشمالية لليمن لشعـب (حاشد).
كان لقبائل اتحاد (سمعي) دور بارز في الصراع القائم بين ملوك سبأ وذي ريدان (حمير) خلال القرون الثلاثة الميلادية الأولى بسبب وصول الأسرة التبعية الهمدانية إلى الحكم في ( سبأ ) حيث برز دور الأقيال من بني همدان في الحياة السياسية للدولة السبأية – الريدانية (الحميرية)، ومن هذه الأسرة الهمدانية برز الملك الهمداني ( شعر أوتر ) ملكاً لسبأ وذي ريدان كأبرز الملوك في القرن الثاني الميلادي ، وتمكن من إعادة توحيد الجزء الأكبر من اليمن.
1 التعليقات so far
قال سبحانه وتعالى في سورة الدخان: "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ
الابتساماتEmoticon